في يومٍ من الأيام، كنت جالسًا في مقرّ الرقية، وإذا بامرأة تدخل ومعها طفلها الذي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره.
سلّمت ثم قالت بصوتٍ متعب:
“يا شيخ، أريدك أن تقرأ على طفلي…”
ثم بدأت تحكي قصتها، وقد بدت الحسرة على ملامحها:
“هذا طفلي، كان جميلًا جدًا منذ صغره، وكان الناس يثنون على جماله كثيرًا. خفت عليه من العين، فقررت أن أمنعه من الخروج من المنزل، وليتني ما فعلت ما فعلت…”
أخذت نفسًا عميقًا وأكملت:
“كنت إذا خرجتُ لزيارة الجيران أو الأقارب، أتركه في الصالة يشاهد التلفاز، وأغلق باب المنزل عليه حتى لا يخرج.
أصبح التلفاز صديقه الوحيد، يشاهده من الصباح إلى الليل، لا يلعب، ولا يتحدث مع أحد، ولا يختلط بأقرانه.
كنت أظن أنني أحميه من الحسد، لكنني في الحقيقة كنتُ أحرمه من الحياة.”
سكتت قليلًا، ثم قالت بصوتٍ مبحوح:
“بعد سنواتٍ طويلة من هذا الحال، أصبح لا يتحدث جيدًا، ولا يفهم بسرعة، ولا يستوعب كما كان.
وعندما عرضناه على الأطباء، كانت الصدمة… شخصوا حالته بالتوحّد.”
ثم أجهشت بالبكاء وهي تقول:
“لقد أذيت طفلي بيدي، حينما خفت عليه أكثر مما توكلت على الله.”
وهنا تذكّرت قول الله تعالى:
{وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}
ضعف الإيمان والتوكل يُسقِط الإنسان في الوساوس والخوف غير المنطقي،
والحماية الحقيقية لا تكون بالحبس والمنع، بل بالذكر، والدعاء، والتوكل على الله.
✍️ من قصص الراقي المناعي.